يعتقد جيرانه أنه توفي إذ لم يروه منذ زمن، وهذا ما لم ينكره، إذ أنه يعتبر نفسه وعائلته أموات في الحياة، فلا سبيل للقمة العيش إلا دخل بسيط من جمعية خيرية وبعض مساعدات من أهل الخير.
لا يستطع محمد العبدلله أن يحدد المرة الأخيرة التي رأى فيها الشارع المطل على منزله، فحياته اقتصرت منذ سنوات على التنقل داخل المنزل القديم الذي يعيش فيه بجوبر إن استطاع، لكنه يذهب بخياله في رحلته التي اعتاد القيام بها منذ سنوات إلى قبر والدته التي رحلت عن الحياة منذ زمن طويل، لكنه توقف عن القيام بها منذ أن ساءت حالته الصحية. وضع صحي خاص أصاب محمد (مواليد عام 1971) في صغره جعل جسده ينمو رغماً عنه ليصل وزنه إلى أكثر من ثلاث مئة كيلو، حارماً إياه من كل أنواع النشاط الاجتماعي، ناهيك عن العمل وملاحقة سبل العيش.
يروى محمد قصة مرضه فيقول" أصبت عندما كنت ألهو وأنا في العاشرة من العمر مع أصدقائي بالثلج، حيث تلقيت ضربة قوية قرب عيني فالتهبت وبدأت بالانتفاخ واستمرت فترة علاجي عشر سنوات إلى أن قمت باستئصالها وتركيب عين زجاجية عوضاً عنها، وذلك بمساعدة من أهل الخير، ومن الأدوية التي كنت أتناولها الكورتزون الذي أسهم في زيادة وزني فضلاً عن أني تناولت أدوية جعلتني أشعر بالجوع كل قليل".
معاناة محمد لا تقتصر على هذا العبء الذي يحمله متمثلاً بهذا الوزن الهائل، فكان مسؤولاً عن إعانة عائلة مؤلفة من أخته المطلقة ووالده وأبناء أخيه الذي توفي وهو في الـ36 من العمر تاركاً خمسة أبناء ووالدتهم دون معيل، فترك الدراسة وامتهن صنعة تصليح الأحذية، إلا أن وزنه استمر بالازدياد رغم إتباعه أنظمة حمية وممارسة الرياضة واستمر بالزيادة سنوياً بمعدل عشرين كيلوغرام، ففي عام 2006 وصل وزنه إلى 310 كيلوغرام وأصيب بالتهابات مفصلية تنكسية وارتفاع حمض البول هذا ما أدى إلى شله عن الحركة لمدة ستة أشهر وبدأت قدماه بالتشقق و إفراز السوائل إلى أن بدأ وضعه بالتحسن في عام 2009 .
وبيت محمد مكون من غرفتين صغيرتين، واحدة له ولزوجته وأخرى لأخته ووالده، وأرض البيت من الباطون المشقق الذي حاولوا ستره بالأغطية والسجاد كي لا تظهر التشققات، إلا أن السقف لم يكن أفضل حالاً فأخشابه مهترئة وتدعمها ألواح خشبية بما استطاع محمد أن يستخدمه لدرء مياه الأمطار التي لا مفر من تسربها في بعض الأحيان إلى الغرفة عندما يكون المطر غزيراً. ولا تملك العائلة مدفأة مازوت فيقول محمد"لم يكن ينقصنا إلا المازوت ومصروفه، لقد استغنينا عن المدفئة منذ زمن واشترينا أخرى كهربائية، ولكننا لا نشغلها إلا فيما ندر عندما يشتد البرد".
سجل محمد في مكتب العمل بعام 2004 للحصول على وظيفة استناداً إلى الشهادة الثانوية إلا أن دوره لم يصل إلى الآن، فذهب في عام 2009 إلى محافظة دمشق لمقابلة المحافظ لشرح وضعه وطلب المساعدة في الحصول على عمل إلا أنه لم يتمكن من مقابلته، وعندما سأل عن إمكانية حصوله على ترخيص كشك لكسب العيش جاء الرد بأن ذلك ليس من صلاحياتهم، فحاول الذهاب إلى منزل رئيس الجمهورية إلا أن الحرس أخبروه أن الرئيس مشغول في تلك الفترة ونصحوه بمقابلة مدير مكتبه إلا أن تلك المقابلة لم تكن سهلة كون مدير مكتبه مشغول أيضاً، فسدت الطرق بوجه محمد إلى أن جاء"المسح الاجتماعي" الذي استبشر محمد به خيراً بحسب قوله. فيقول "سرت شائعات كبيرة بين الناس بأن الأوضاع ستتحسن، وسيتم توزيع مبالغ كبيرة على الأسر فاستبشرنا خيراً، وقمت بالذهاب لمركز المسح لإجراء المقابلة وشرحت لهم وضعي ولكن المفاجأة كانت بأنهم قيموني في فئة الخمسمئة ليرة، هل كل هذا الوضع السئ ثمنه خمسمئة ليرة!!أستطيع أن أريكم الآن أشخاصاً صنفوا في الفئة الأولى وهم يملكون شققاً وسيارات وإن افترضنا أن هؤلاء زوروا أوراقاً وحصلوا على المعونة، ماذا يمكن القول عن وضعي، هل أننا بحاجة وثيقة أو سواها مع هذا الجسد الذي أحمله". كتب طبيب محمد تقريراً عن وضعه الصحي يوصي فيه بإجراء عمل جراحي له، وقاموا بعرضه على الجمعيات الخيرية عسى أن تساعده، لكن أي من تلك الجمعيات لم تستجب له.
دخل محمد الوحيد هو 1500 ليرة شهرياً يحصل عليها من إحدى الجمعيات الخيرية، ولكن كما يقول "إن خليت خربت" فيقوم جيرانه وبعض المتبرعين بزيارته وتقديم العون له من أكل وأدوية ولوازم معيشة بشكل دائم. أما ديونه فيراها كبيرة فهي تصل للأربعين ألف ليرة ولكن زوجته قالت وهي تحمد الله" هناك ديون للسمان والبقال ولكن... الحمدلله، ليس لللحام ديون!!".
ويسخر محمد من بعض الأطباء الذين يصفون له حمية غذائية" قام أحد الأطباء بكتابة وصفة صحية من أجل وضعي، فجاءت كالتالي، يوم فيليه سمك، يوم شرحات لحمة، وحذرني من الاقتراب من البطاطا والفول والفلافل، ماذا نفعل إن كانت البطاطا والفلافل هي أقصى ما يمكن أن نحصل عليه".
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] ويحصل والده الذي ناهز الثمانين من العمر على معونة من دار السعادة للمسنين كل شهرين بقيمة ألفي ليرة يتركها محمد لمعالجة والده وتوفير أدويته، إضاف
والد محمد ة إلى معونات غذائية كالسكر والأرز والحلاوة والشاي والسمنة.
يحلم محمد بأن يعيش كغيره من الناس يخرج من بيته ويستقل عربات النقل، و يملك عملاً مستقراً يعيل به زوجته وأخته ووالده فلا يكون عالة عليهم، إلا أن مشكلته -كما يراها- أكبر بكثير من ذلك الحلم. انتهت مقابلة محمد وأوقف جهاز التسجيل، لكنه لم يتوقف عن الكلام وهذه المرة اختلط بالدموع فقال"ها قد انتهيت وقلت ما عندي، لكن مهما تكلمت لن أنقل سوى جزء من الحقيقة، هل تعرفون ماذا طبخنا منذ فترة؟" نظر إليه أخوه محاولاً الابتسام وقال"قل لهم علهم يجربونها" فأجاب " شحدنا عظام من عند اللحام وسلقنا عليه حنطة وأكلنا... شو بدنا نقول... إلنـا الله".
لا يفكر محمد اليوم في مأساة وزنه الهائل بقدر ما يفكر في عائلة لم يبق لها سوى بيت مهدد بالانهيار في أية لحظة، وبالتالي سيخسرون الشئ الوحيد الذي يملكوه. [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
لا اله الا الله والحمدلله الذي عافاني مما ابتلا غيري به والله يشفيه ويصبرو على مصيبتو.
mhager
عدد المساهمات : 15 نقـــاط : 5121 تاريخ التسجيل : 01/12/2010 العمر : 43
موضوع: رد على موضوع-حملته الحياة ما لا يتحمله إنسان .... جسده وعائلته الجمعة مارس 18, 2011 12:34 pm
نسأل الله العفو والعافية لا حول ولا قوة الا بالله
يعطيك الف عافية يالغالي
شوم الصور واقرأ وتحمد ربك على النعمة اللي انت فيها